أكد محافظ النجف الأشرف، المهندس يوسف كناوي، أن مكافحة المخدرات تمثل أولوية قصوى للمحافظة، مشدداً على أن خطرها يتجاوز في تأثيره حتى التهديدات الإرهابية، لما تسببه من تفكك اجتماعي وجرائم وانهيار للقيم.
وجاء ذلك خلال مشاركته في الندوة الحوارية التي نظمتها مؤسسة إنكي للدراسات والبحوث تحت عنوان: "الحكومة المحلية ودورها في التعافي من آفة المخدرات"، بمشاركة عدد من ممثلي الأجهزة الأمنية والصحية والمجتمع المدني.
وأشار المحافظ إلى جهود المحافظة في ضبط شبكات ترويج المخدرات، وافتتاح مستشفى لعلاج المدمنين في حي النداء، إضافة إلى تخصيص أرض لإنشاء مجمع متكامل لمكافحة الإدمان.
ودعا كناوي إلى تفعيل دور الأسرة والإعلام والمدرسة في التوعية، مؤكدًا أن المدمن بحاجة للعلاج والدعم، وليس للتجريم أو الإقصاء، مشددًا على أهمية التنسيق بين جميع الجهات لحماية المجتمع.

في ما يلي النص الكامل لكلمة السيد المحافظ المهندس يوسف كناوي
تحت عنوان
(الحكومة المحلية ودورها في التعافي من آفة المخدرات)

بسم الله الرحمن الرحيم
أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى مؤسسة إنكي للدراسات والبحوث على تنظيم هذه الندوة المهمة التي تناقش قضية من أخطر القضايا التي تواجه مجتمعنا، وهي مكافحة آفة المخدرات.
لقد وضعت محافظة النجف الأشرف مكافحة المخدرات على رأس أولوياتها، لما تمثله هذه الظاهرة من خطر حقيقي وخفي يهدد أمن واستقرار المجتمع، وهو خطر يتجاوز في خطورته حتى الإرهاب. لذلك، ومنذ تولينا مهامنا، اتخذنا خطوات حثيثة لتعزيز جهود الأجهزة الأمنية، وتنسيق العمل مع مختلف الجهات المختصة لمحاربة هذه الآفة الخطيرة.
ندرك أن مكافحة المخدرات ليست قضية أمنية فقط، بل هي قضية اجتماعية لها تأثير عميق في نسيج المجتمع. فالمتعاطي غالبًا ما يكون فردًا من أسرة أو مجتمعنا، ولهذا فإن دور المجتمع والأسرة في دعم المتعاطين وتوفير العلاج هو عامل حاسم للحد من انتشار هذه الظاهرة. أما الأجهزة الأمنية، فتركيزها منصب على ملاحقة المتاجرين والمروجين الذين يهددون المجتمع بأكمله.
الحمد لله، تمكنت قواتنا الأمنية من تحقيق إنجازات ملموسة خلال الفترة الماضية، حيث قمنا بعمليات استباقية ناجحة أدت إلى ضبط كميات كبيرة من المخدرات في مصادرها، واعتقال تجار خارج المحافظة قبل وصولهم إلى النجف الأشرف. وهذا يعكس جدية الحكومة والمحافظة في التصدي لهذه المشكلة، كما تؤكد فروقات أسعار المخدرات بين المحافظات حجم الاستهداف الذي تتعرض له النجف.
حرصًا منا على توفير بيئة علاجية ملائمة، أنشأنا مستشفى في حي النداء بسعة 40 سريرًا مخصصة لعلاج المدمنين، مع خطط لزيادة السعة إلى 80 سريرًا. كما خصصت المحافظة قطعة أرض بمساحة خمسة دونمات لإقامة مجمع متكامل لمكافحة المخدرات بالتعاون مع دائرة المخدرات وقيادة الشرطة، ويشمل هذا المشروع بنية تحتية متطورة لدعم مكافحة الآفة.
نسعى لتعزيز الجانب التوعوي والتثقيفي من خلال الفعاليات والبرامج التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع. فقد نظمنا مسرحية توعوية كبيرة حضرها آلاف الطلبة وأسرهم، بالتعاون مع العتبتين العلوية والحسينية، إلى جانب تنظيم مؤتمرات واجتماعات دورية مع لجان مكافحة المخدرات وأجهزة الأمن لرفع مستوى التنسيق والعمل المشترك.
رغم الإنجازات، نؤكد أن التحديات لا تزال كبيرة وتتطلب تكاتف المجتمع كافة. من الضروري تفعيل دور منظمات المجتمع المدني، وزيادة البرامج الإعلامية التوعوية التي تستهدف الشباب والأسر، لأن الجانب الاجتماعي والوقائي يمثل العمود الفقري في مكافحة هذه الآفة. ونشدد على ضرورة أن ينظر المجتمع إلى المدمن كمريض بحاجة للعلاج والدعم وليس كجاني.
قمنا بتطوير السجون في المحافظة لتخفيف الضغط عن المؤسسات القائمة، وافتتحنا السجن المركزي بطاقة استيعابية تصل إلى ألف سجين، كما أنجزنا مشروع سجن التسفيرات بنسبة إنجاز بلغت 85%. ويهدف هذا إلى فصل المتعاطين عن التجار والمروجين لتسهيل علاجهم وتأهيلهم.
ندعو الأسر إلى تحمل مسؤولياتها في متابعة أبنائها، وعدم الاستهانة بأعراض الإدمان التي قد تبدو أحيانًا واضحة، ودعمهم للتوجه نحو العلاج بدلاً من إخفاء المشكلة. كما نحث الإدارات المدرسية والجامعية والدوائر الحكومية على المشاركة الفاعلة في مواجهة هذه الظاهرة.
إن مكافحة المخدرات تمثل حماية حقيقية للمجتمع، فإذا تمكنا من التصدي لها سنقضي على غالبية الجرائم غير الجنائية الأخرى التي تسبب تدهور المجتمع. وهذا يتطلب تعاونًا وثيقًا بين كافة الجهات الأمنية والاجتماعية والإعلامية لتحقيق مجتمع آمن وصحي.