تقدير موقف
في مطلع الساعات الأولى من 28 أيلول/سبتمبر 2025، دخلت “آلية الزناد” (Snapback Mechanism) التي فعّلتها الترويكا الأوروبية ضد إيران حيز التنفيذ الفعلي، لتُعيد بذلك فرض منظومة العقوبات الأممية الشاملة على طهران بعد انقضاء المهلة القانونية البالغة ثلاثين يوماً المنصوص عليها في القرار الأممي 2231. يُمثّل هذا التطور منعطفاً حاسماً في مسار الأزمة النووية الإيرانية المتصاعدة، ويضع المنطقة والمجتمع الدولي أمام تحدٍّ استراتيجي بالغ التعقيد يتطلب فهماً معمّقاً لديناميكيات القوة والإكراه السياسي.
من منظور نظرية الألعاب، تُجسّد هذه الخطوة تطبيقاً عملياً لأنموذج توماس شيلينج في “سياسة حافة الهاوية” (Brinkmanship)، حيث تسعى الأطراف المتصارعة إلى تحقيق مكاسب استراتيجية عبر رفع مستوى المخاطر المحسوبة والتلويح بتكاليف باهظة في حال عدم الانصياع. وكما أشار شيلينج في كتابه الكلاسيكي “استراتيجية الصراع”: *“القوة في المساومة تأتي من القدرة على إلحاق الضرر، مقترنة بالظهور بمظهر من قد يفعل ذلك”*.
يستعرض هذا التقدير الأبعاد الاستراتيجية لتفعيل آلية الزناد، ويحلّل خيارات الأطراف المعنية والسيناريوهات المحتملة للتصعيد أو التسوية، في محاولة لاستشراف مسارات الأزمة ومآلاتها المستقبلية.